الشوارع العربيه تنام في العسل
شوقيه عروق
شوقيه عروق
المظاهرات تجتاح المدن في اوروبا وامريكا واستراليا بمناسبة مرور اربع سنوات على الاحتلال الامريكي .. وبعض دول امريكا اللاتينيه حملت غضبها ولاحقت الرئيس الامريكي الذي يزور بلادهم بالمظاهرات والشعارات وحرق الدمى التي تجسد صورته الملعونه المحشوه بالكره .. في ظل الدم الذي تعرى واصبح مساحات شاسعه تتقمص الرعب والذل ، في ظل غرور بوش وزمرته وحكايات الدهاليز السياسيه التي أكلها الصدأ ولكن مازالوا يصدرون السكاكين لذبح الشعوب في ظل هذا يزدهر الصمت العربي .. اي تضاريس شرسه محفوره فوق صمتنا وسكوتنا .. اليس مضحكاً ان يشاهد المواطن العربي عشرات البرامج الفضائيه التي تدعوه للكلام والغناء ، بل تحاول هذه الفضائيات سكب الحناجر في توهج الضوء فهي تهلل وتطبل وتزمر لصاحب الحنجره الذهبيه ، ولكن الحنجره الذهبيه تخون الواقع مع عشيق هلامي سرعان ما يتبدد .. لتعاود الفضائيات طحنها من جديد لعل خبز الحناجر يقدم على ارصفة الجوع العربي المطارد من قبل الانظمه الحاكمه
مظاهرات ضد الاحتلال الامريكي للعراق ، ونحن في واد آخر كأن العراق جزيره نائيه لا تهم احداً .. المواطن العربي لا يصرخ ولا يحمل شعاراً بالعكس لو قام بوش بزيارة مصر
( قلب العالم العربي ) لحضنه القلب ومنحه الدفء وباركه المبارك ووجد في الضيافه تلالاً من التنازل ، ولو نظر من نافذة الفندق المصري على الشوارع لوجدها ساكنه ، راكده .. تتنفس استسلاماً وسابقاً قام بوش بزيارة الاردن فلم يجد الا السجاجيد الحمراء والورود المقطوفه من الخنوع امامه ... وغيرها وغيرها من الدول العربيه التي قامت بارتداء حزام العفه السياسيه خشيه من ذكورية بوش الشوارع العربيه تنام في العسل فحنجرتها بخير ... واوتار صوتها مخبئه للبرامج التي تفتش عن " صنع النجوم " حتى اصبحت هذه البرامج تطيق على الاعناق وتخرج الحناجر وترفعها على الاعلام كي تؤكد اننا نملك حناجر نفتخر بها ونرفع الرؤوس على اوتارها من سوبر ستار الى ستار اكاديمي مروراً بنجم الخليج وزي النجوم واكس فاكتور اكسير النجاح برامج تجاريه تحولت الى سباق بين الدول العربيه ، سباق في التصويت للنجم الذي سيرفع شأن دولته ويحصد المتسابق رعاية الرئيس او الملك وهنا قد يحتمي هذا الرئيس او الملك بصوت المتسابق كي يعلق انتصاره على باقي الدول العربيه ويصبح صراع الاعلام المرفوعه واللهجات ونسبة التصويت شاشات مفتوحه امام المواطن العربي الذي يندمج في لعبة التفوق الفارغ حتى يصدق ان مصير دولته يتعلق بهذه الحنجره .. واذا خرج المتسابق خربت وضاعت دولته
الاحتلال الامريكي يجثم فوق صدر العراق الذي يُنهش ويدمر يومياً ولغة الخراب هي السائده ، المظاهرات تطالب امريكا بالخروج من العراق والرئيس المصري ( يطالب بأن لا تنسحب القوات الامريكيه من العراق لأنه ستحدث فوضى ) فوضى اكثر من هذه الفوضى التي كان سببها تكتل العالم الغربي وصمت العالم العربي الذي ايد الاحتلال وبصم عليه كما يبصم على جميع القرارات التي تتخذها الاداره الامريكيه
تمر الذكرى واعلام الدول العربيه ترفع في قاعات المسابقات الغنائيه بصوره منفره وساذجه وسطحيه بعد ان غابت هذه الاعلام عن اي انتصار سياسي وعسكري .. حتى مظاهرات رافضه للاحتلال .. صراخ يهز جزء قليل من الجدران المصفحه في البيت الابيض .. لا احد .. ضحكنا عندما قال دريد لحام في احدى مسرحياته ( المواطن العربي يفتح فمه فقط عند دكتور الاسنان ) لكن اليوم بفضل العولمه التي جعلت الانسان يتعثر بالجرأه والمعلومات والثقه كما يتعثر الطفل باثاث بيته وهو مليء بالدهشه واصبح رافضاً للصمت ويسجل وحدات قياسيه في التكلم والثرثره عبر حنجرته واصابعه التي تكتب بلهفة السرعه والحريه اما المواطن العربي فبقي مخلصاً لأطباء الاسنان واضاف لهم البرامج الفضائيه التي تلتقطه كي يقوم بتعبئة الفراغ الذي يسير مع الربح التجاري كتوأم سيامي ، فهي تقطف المواهب الغنائيه
( لا احد يهتم بالمواهب الاخرى ، مثل الادب ، والفن التشكيلي ، والمسرحي ، والاوبريتي )
وتقوم هذه الحناجر الى الاسواق التجاريه .. دائره مسننه تدور لتف
رم الصوت العربي الذي يستباح بالصمت والشلل .. نخجل من هذه المظاهرات التي ترفض الاحتلال ونحن عراه بعد ان اصبح الزي الرسمي للحمنا وعظمنا هو " العيب " كان الفيلسوف ديوجين يحمل القنديل المضاء في النهار فسألوه لماذا يحمل هذا القنديل ، فأجاب افتش عن الرجل .. لقد سئمنا رقصة السيوف التي يرقصها الملك السعودي وسئمنا ذلك المطرب الذي يريد ان يؤكد ان الله سيعينهم على النصر ( يا ما احلى النصر بعون الله ) ... حنجرة المطرب تنظر الى ارض الحاكم ، والشوارع خاليه عندما يناشدهم الاقصى ... لهم مظاهراتهم وحناجرهم ... ولنا الصمت المدجج بالغربه
No comments:
Post a Comment